رمضان..شهر الرحمة والمغفرة، والعتق من النيران النار
إبريل 20, 2020
شهر رمضان المبارك هو قمة المغانم وأفضل المكارم التي أنعم الله بها على أمته ونتمنى من الله العزيز أن يرفع عنا البلاء ونحن على أبواب استقبال شهر القرآن.
نسائم البشر بالشهر الفضيل
قال الله تعالى ﴿ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] هكذا فرض الله الصيام في شهر رمضان المبارك وجعل منه نهرا فياضا من الحسنات والأجر تهفو إليه قلوب المسلمين في كل مكان حتى يؤدوا فيه الصيام والقيام ويربحون الأجر والبركات في الدنيا والآخرة. ولشهر رمضان نسائم كثيرة تتناغم فيه الرحمات وتتوزع فيه المغفرة والرضوان والعتق من النيران على لياليه الحية بالذكر والدعاء والقنوت لرب كريم وسنقوم بتفصيل بعض هذه النسائم شوقا لهذا الشهر الفضيل لكن أولا ينبغي أن نشير إلى أن الحديث المشهور: (شهر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار)، حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم لا سندًا - كما ذكر المحدثون - ولا معنًى، فهو يحصر الرحمة في عشر، والمغفرة في عشر، والعتق في عشر. ورحمة الله تعالى ومغفرته لا تنقطع، وعتقه لعباده من النار لا يحصر.
رمضان.. شهر الرحمة
أوجه الرحمة كثيرة فمنها ما كتبه الله عز وجل على نفسه وهي الرحمات المطلقة الواسعة والتي نرجو الله تعالى أن يتفضل بها علينا وكذلك هناك الرحمة فيما بين العباد وهي صورة إيمانية حثنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على اتباعها والاتصاف بها مع سائر الخلق وسنذكر بعضا من النقاط في هذا الباب: رحمة الله لخَلْقه في شهر رمضان
التيسير في أداء العبادات
كتب الله تعالى لنا صيام ثلاثين يوما من رمضان ولكن يسر لنا سبحانه فيه العبادات فكانت في متناول كل مسلم غنيا كان أو فقيرا، عالما أو غير ذلك، كما وجعل عز وجل من النوافل نهرا جاريا من الحسنات بل وحتى الدعاء فيه للنفس ولغير. تصفيد الشياطين وفتح أبواب الجِنة وغَلق أبواب النار ومن مظاهر رحمة الله بعباده في شهر رمضان إعانتهم على الخير؛ بفتح أبواب الجنّة، وغَلق أبواب النار، وتُصفد الشياطين فلا يعود لها قدرة على الوسوسة وتضليل المسلم، وفي ذلك عونٌ له على الصيام والقيام.
فتح باب التوبة
في شهر رمضان يتوب المسلم إلي ربه من ذنوبه، طمعا في رحمة الله به فرمضان شهر التوبة والإنابة؛ إذ إنّ الله -سبحانه- يجود على عباده، ويصفح عنهم، ويعتق عددا منهم من النار في كلّ ليلة من ليالي الشهر.
مضاعفة الأجر للصائم
الأجر المُترتّب على الأعمال والطاعات في شهر رمضان مختلفة عمّا سواه من الشهور؛ فأجر الصائم يُؤدّى بلا حسابٍ، كرما وتفضلا من المولى عز وجل فينال المسلم في رمضان مضاعفة الأعمال والعبادات، ومضاعفة الأُجور المُترتّبة عليها.
مظاهر الرحمة بين العباد في رمضان
رحمة الغني بالفقراء ويكون ذلك حين يستشعر المسلم الغني بأحوال أخيه المسلم الفقير سواء كان من أقاربه أو جيرانه أو من سكان مدينته، فيقدم لهم يد المساعدة بما يُيسّر عليهم عيشهم، ويُعينهم على حياتهم، وتُعدّ الصدقة في رمضان من أعظم أبواب الأجر، لما فيها من إعانة للصائمين الفقراء على قضاء حوائجهم وفيها جزاء عظيم من الله الكريم.
رحمة الوالدَين بأولادهم
حين يغدق الوالدان حنانهما وإشفاقهما على ولدهما فذلك سبيل لصلاحه، وطريق لاستقامة أخلاقه، وهذا وجه من أوجه رحمة الوالدين على الأبناء بينما تعكس القسوة أثراً عكسيّاً على طبائع الأولاد، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلا زانَه، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شانَه). رحمة الإمام بمأموميه تظهر رحمة الإمام بمن يؤمهم في الصلاة بأن لا يشقّ عليهم بإطالة القراءة، أو السجود، أو الركوع، وإنّما يراعي أحوال المُصلّين المختلفة، أخرج الإمام مسلم عن عثمان بن أبي العاص أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن أمَّ قَوْمًا فَلْيُخَفِّفْ، فإنَّ فِيهِمُ الكَبِيرَ، وإنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وإنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ، وإنَّ فيهم ذا الحاجَةِ، وإذا صَلَّى أحَدُكُمْ وحْدَهُ، فَلْيُصَلِّ كيفَ شاءَ). في الصحيحين عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفِّف؛ فإن فيهم الصغير، والكبير، والضعيف، والمريض، وإذا صلَّى وحده فليصلِّ كيف شاء))
رمضان.. شهر المغفرة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) [رواه البخاري ومسلم].
وعد الله عباده المؤمنين في شهر رمضان المبارك من المغفرة الكثير في هذا الشهر الكريم، لكل مسلم أخلص عمله لله، وصدق في معاملته، واجتهد في طاعته لأنه شهر تضاعف فيه الأعمال الصالحة، والله جل وعلا يزيد في الأجر لعباده، فينبغي للمؤمن والمؤمنة الاجتهاد في هذا الشهر الكريم بأنواع الطاعات من: الصلاة، والصدقة، وقراءة القرآن، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والاستغفار، وسؤال الله الجنة، والتعوذ به من النار، والعناية ببر الوالدين، وصلة الرحم، والدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بالأسلوب الحسن والرفق والحكمة لما في ذلك من الخير العظيم والمغفرة والثواب. رمضان..شهر العتق من النيران
قال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ: صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ) [رواه الترمذي].
إن رمضان فرصة ثمينة وكرم عظيم من رب رحيم غفور لا يجب على المؤمن أن يضيع منه فرصة العتق من النار فحري بمن سمع بهذا الحديث أن يبذل قصارى جهده في الاتيان بالأسباب التي بها فكاك رقبته من النَّار ، لا سيما في هذا الزمان الذي تكثر وتسهل فيه معصية الملك عز وجل، فيا باغي الخير هلمَّ أقبل، فقد صفدت الشياطين، وسجِّرت النيران، وفتِّحت أبواب الجنة. فلا تضيّع هذه الفرصة.
اللهم ارفع عنا البلاء في شهر رمضان العظيم وأكرمنا بعودة الحياة إلى المسجد الحرام.