محطات تاريخية اغلق فيها الحرم

كانت هناك محطات عديدة شهد فيها الحرم المكي إغلاقا على مدى التاريخ ولكننا شهدنا طفرة في تناقل الصور لصحن الحرم وهو خال تماما بسبب فيروس كورونا في هذه المرة..

حدث ذلك في عام الفيل وحسب عدد من المؤرخين فقد كان بين عامي 568 و 569 ميلادي وهو نفس العام الذي ولد فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حين توجه أبرهة الحبشي بجيش كبير إلى مكة المكرمة بغرض هدم الكعبة، وقد كان في جيشه عدد من الفيلة الإفريقية التي كان العرب حينها يجهلونها، مما أثار فزع الناس، ليتركوا الحرم المكي ويلجؤوا إلى الجبال ، ولكن العناية الإلهية حفظت الكعبة من الدمار.. وهذه المرة الأولى التي يغلق فيها الحرم المكي في التاريخ.

كان ذلك في العهد الأموي في ظل خلافة عبدالملك بن مروان حين داهم جيشه بقيادة الحجاج بن يوسف مدينة مكة المكرمة للقضاء على حكم عبد الله بن الزبير بن العوام. وقد كان الهجوم باستخدام أداة تدعى المنجنيق والتي لم يعهدها العرب آنذاك ما تسبب في هدم جزء من الكعبة المشرفة في العام 73 للهجرة ما يوافق 693 ميلادي ما جعل الصلاة عند بيت الله الحرام وأداء مناسك العمرة تتوقف أثناء الحصار والهجوم.

القرامطة هم فرقة من فرق الشيعة بدؤوا بقطع الطريق على حجاج بيت الله الحرام من كل الجهات ثم عام 317 هجري الموافق لعام 930 ميلادي وخلال موسم الحج، قرر زعيم القرامطة حينها المدعوّ أبو طاهر القرمطي اقتحام مكة والتنكيل بالحجاج، مما خلف عشرات الآلاف من القتلى وتم خلع باب الكعبة وسرقة كسوتها مع الحجر الأسود ثم منع القرامطة الحج لأكثر من 10 سنوات بدعوى أنه عبادة للأوثان. وبعد قرابة 22 عام استطاعت الدولة العباسية استرجاع الحجر الأسود وإعادته الى مكانه.

كان ذلك في عام 1814 ميلادي، حين تفشي الطاعون في بلاد الحجاز وقد مات قرابة 8 آلاف شخص ، ما أدى إلى توقف الحج فيما يسمى بعام الطاعون. كما تفشّت الأوبئة في عام 1837 ميلادي خلال فترة الحج، واستمرت حتى عام 1892، وشهدت تلك الفترة موت ألف من الحجاج يوميًا، ما أدى إلى غلق الحرم المكي حتى انحسار الوباء.

وقعت حادثة جهيمان في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1979 ميلادي، الموافق لـ 1 محرم 1400 هجرية وتعتبر أكثر الحوادث شهرة في التاريخ المعاصر. وتتمثل في إغلاق كامل للحرم المكي، بعد أن سيطر جهيمان وأتباعه على المسجد الحرام لمدة أسبوعين، وجهيمان العتيبي هو مواطن سعودي، انخرط في جماعة السلفية المحتسبة، اقتحم مع مئات من أتباعه الحرم في عهد الملك خالد بن عبد العزيز للمطالبة بالبيعة لمحمد بن عبد الله القحطاني وهو صهر جهيمان بزعم أنه المهدي المنتظر. وكانت مواجهة قوية في عملية عسكرية تسودها الغموض إلى اليوم تمكنت فيه السلطات السعودية، من دخول الحرم يوم 4 ديسمبر 1979 والسيطرة على الوضع . نرجو أن تكون هذه المرة هي الأخيرة التي يُغلق فيها الحرم المكي وألاّ يحرمنا الله تعالى من مشهد الحجاج والمعتمرين وهم يطوفون بالكعبة المشرفة.